الأربعاء، 4 فبراير 2015

إدارة الأزمات البشرية

تضمنت المداخلات التي وصلتني خلال البرنامج الاذاعي الذي أشرت إليه في الاسبوع الماضي سؤالاً حول ما تتعرض له البلاد حالياً من ازمات إقتصادية و سياسية و أمنية و إنه لا توجد رؤية واضحة لمعالجة تلك الازمات.
و الحقيقة انني تعجبت من هذا التساؤل و استشعرت إنه متعمد و مقصود في إطار ما يحاول ان يقوم به البعض من محاولات التشكيك في الخطوات الجادة التي تقوم بها أجهزة الدولة إلا القليل منها و الذي اعتقد ان هؤلاء المتقاعسين منهم سوف تشملهم حركة التغييرات القادمة سواء بالنسبة للوزراء او المحافظين و هو ما دفعني للإجابة بشئ من الحدة و الجدية و وجدتني اقول ان ما تعرض له الوطن طوال السنوات الاربعة السابقة بعد ثورة يناير 2011 لو حدث في اي دولة اخرى لكانت قد انهارت و سقطت في دهاليز الضياع ، وامامنا العراق اكبر مثال على ذلك فبعد ان كانت تمتلك اقوى الجيوش العسكرية و الفكرية والعلمية اصبحت مقسمة إلي أكراد و شيعة و سنة ، ناهيك عن السيطرة الامريكية على مقدرات مصادر الطاقة و الدخل هناك و هيهات ان تعود العراق إلي سابق مجدها و عزها إلا بعد اعوام كثيرة...و ها هي ليبيا قد أصبحت أحد معاقل الجماعات الارهابية و تنظيم داعش....كما اصبحت مهيأة للتقسيم هي الاخرى
لقد فقد الاقتصاد المصري بعد أحداث يناير أكثر من نصف الاحتياطي النقدي في البنك المركزي...وسياسياً فقد تبارت الدول الداعمة للأخوان في وضع العراقيل امام الدولة لكي لا تسمح لها بأي تقدم ، بل أن بعض هذة الدول ما زالت تعيش على امل فشل هنا التحول التاريخي الذي قلب موازين حسابات العالم في ثورة يونيو 2013 و ان يعود الاخوان إلي حكم البلاد و العباد – و هذا لن يحدث باذن الله – و أمنياً ماذا كنا ننتظر من جهاز الشرطة بعدما اقتحمت سجونه و اقسامه و افرغت وزارة الداخلية من خيرة كوادرها و استشهاد افضل عناصرها.
- كان من نتائج علم إدارة الأزمات الذي درسته - و حصلت منه على درجة الدكتوراه - ان أي ازمة مهما عظمت و تفاقمت لابد لها من نهاية ، ولابد ان يكون لها حلاً ...إلا ازمة الانسان مع نفسه ...و هي في بلادنا تتمثل في فقدانه الثقة في نفسه و في قيادته...في فقدانه الشعور بالإطمئنان و الرضى و الاقتناع بأن ما نحن فيه حالياً بعدما تعرضنا له مؤخراً هو في حد ذاته إنجاز ....وانه لابد ان يكون على قناعة بأن من يتولى ادارة البلاد حالياً رجل و طني مخلص ، يسعى بكل ما اوتي من خبرة و حكمة إلي العبور بالوطن من عنق الزجاجة في اسرع وقت...و ها هو يتحرك شرقاً و غرباً لكسب تأييد العالم لمصر... ، وها هو داخلياً يوجه و يدعم كل المشروعات التي تهدف إلي تحقيق مطالب المواطن المصري البسيط.
- إدارة ازمة البشر لابد من مناقشتها بشكل موضوعي لأن الدولة في اشد الحاجة إلي العنصر البشري في كافة مجالات العمل و التطوير...لابد من زرع روح التفاؤل و الامل و العمل بينهم من خلال كافة الوسائل المتاحة إعلامياً ومن خلال الجامعات و المساجد و الكنائس ، وفي اللقاءات و الندوات التي يقوم بها حالياً المرشحون الجدد للبرلمان القادم...كل ازمة لها علامات للانذار المبكر قبل بدايتها ثم تمر بمرحلة يتم فيها التعايش و التعامل معها لحين انتهائها ثم نخرج منها بعد ذلك بعدة دروس مستفادة حتى لا تتكرر تلك الازمة مرة اخرى...و نحن الان نمر بمرحلة التعايش و التعامل مع الازمات التي اوشكت على الانتهاء لصالح الوطن لنبدأ مرحلة جديدة من تاريخه و التي تتطلب العمل بكل جدية و اخلاص لكي لا تعود عجلة الاحداث إلي ما كانت عليه قبل ذلك و نتعرض لما تعرضنا له من فقدان الشعور بالأمن و السلام .
- ان إدارة ازمات البشر أصعب بكثير من ادارة الازمات الاخرى.. فلابد للمواطن المصري ان يشعر بقيمته و اهميته في مجتمعه و يبادر هو نفسه في القيام بأي عمل او نشاط او حتي من خلال عمله في الحكومة و القطاع العام و يقوم بتحسين اداءه و حسن معاملة المواطنين ..لابد له ان يحقق التوازن العادل بين مطالبه و امكانيات الدولة المتاحة حالياً و التي ما زالت تعاني من سنوات عجاف مرت بها و فقدت خلالها الكثير من مواردها.
حتي الان مازلت اري ان القادم افضل للانسان المصري الذي حقق خلال ثلاثه اعوام ثورتين و الذي حقق انتصارات أكتوبر 1973 بعد سنوات من الهزيمة و الإنكسار ..و ها هو يهدي حالياً للعالم قناة السويس الجديدة لتكون شرياناً جديداُ للحياة الاقتصادية لدول العالم أجمع.
اليوم و نحن في بدايات العام الجديد أتمنى ان تعود للشعب ثقته في الله و في نفسه و في قيادته ، و كل عام و انتم و مصرنا الحبيبة دائماً بخير و سلام.

اللواء محسن الفحام